وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ، اليوم الأربعاء، الأمر اليومي لأفراد القوات المسلحة الملكية ، وذلك بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لتأسيسها.
وفي ما يلي نص الأمر اليومي:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه معشر الضباط وضباط الصف والجنود، تخلد اليوم أسرة القوات المسلحة الملكية ومعها الأمة المغربية قاطبة بكل فخر واعتزاز الذكرى الثانية والخمسين لتأسيسها، وبهذه المناسبة يسرنا نحن القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية أن نتوجه إليكم في هذا اليوم الأغر لنعبر لكم عن سابغ عطفنا ورضانا لما تبذلونه من تضحيات جسام من أجل الدفاع عن حوزة الوطن والذود عن مقدساته العليا بكل تفان وإخلاص ونكران للذات.
وإنها لمناسبة جليلة نستحضر فيها بكل إجلال وتقدير كل المحطات الخالدة التي قطعتها قواتنا المسلحة الملكية منذ تأسيسها على يد محرر البلاد، جدنا المنعم بالله جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، ووارث سره باني المغرب الحديث وموحد الوطن والدنا المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، تغمده الله بواسع رحمته، لتبلغ اليوم مصاف الجيوش الحديثة وتنال الافتخار والاعتزاز والتقدير والتنويه على المستوى الوطني والدولي.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن احتفالنا اليوم بهذه الذكرى الغالية لهو مناسبة لنعبر لكم فيها عن ارتياحنا وتقديرنا للسمعة الطيبة التي تتمتعون بها على الصعيد الدولي من خلال ربط أواصر التعاون والتبادل العسكري مع دول شقيقة وصديقة ومنظمات وهيئات دولية، مما يعزز دوركم كقوات عسكرية تحظى بالثقة والاحترام والمصداقية في إطار عمليات حفظ السلام عبر مختلف بؤر التوتر بالعالم.
ويطيب لنا بهذه المناسبة الغراء أن ننوه بالدور الفعال الذي تقوم به التجريدات المغربية في الكوسوفو والكونغو الديمقراطية وساحل العاج في سبيل إقرار السلم والأمن الدوليين. كما لا يفوتنا أن نشيد بعناصر التجريدة المغربية التي أنهت مهمتها في البوسنة والهرسك بعدما أبلت البلاء الحسن وأدت واجبها على الوجه الأكمل منذ ما يزيد على عشر سنوات، معطية أبرز مثال على قيمة الجندي المغربي وأصالته العريقة والتي تكمن في الانضباط والدفاع عن قيم السلام والتضامن المتعارف عليها دوليا.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن تطوير قواتنا المسلحة الملكية بجميع مكوناتها البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، وما يقتضيه ذلك من العمل الدؤوب والتكييف المستمر لبنياتها ليحظى بفائق عنايتنا ورعايتنا كأولوية دائمة من أجل تحقيق الفعالية والعصرنة داخل صفوفها ورفع مستوى كفاءاتها المهنية وتنمية قدرات أفرادها.
وحتى نتمكن من بلوغ هذا الهدف الأسمى، فقد تم وضع وتفعيل مخطط شامل من أجل تجهيز قواتنا المسلحة الملكية ودعم بنياتها الأساسية، رصدت له إمكانيات مهمة، يعتمد في خطوطه العريضة على توفير المعدات والوسائل الحديثة وتشييد ثكنات جديدة ودعمها بمختلف المرافق الضرورية مع مراعاة تموضعها في مناطق تنسجم والامتداد العمراني للمدن وتستجيب لخصوصيات الوحدات العسكرية وطبيعتها الميدانية.
وفي هذا الصدد، فقد تم إعطاء الانطلاقة الفعلية لإنجاز عدة مشاريع بنيوية أشرفت جلالتنا على مراسيم وضع حجرها الأساسي من بينها برنامج إعادة تمركز بعض الوحدات وخلق فضاءات سكنية موازية لها في كل من النواصر وعين حرودة وكذلك أشغال بناء ميناء عسكري وقاعدة بحرية بالقصر الصغير في إطار دعم المشاريع التنموية الكبرى التي صارت المنطقة الشمالية قطبا لها.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن التطور الهام الذي تعرفه قواتنا المسلحة الملكية والطابع الاحترافي الذي تتميز به والمكانة البارزة التي تحتلها على الصعيدين الوطني والدولي ما هو إلا ثمرة للجهود الحثيثة لتدعيم قدراتها وصقل مهاراتها والتركيز على بلورة جودة العنصر البشري.
لهذا انصب اهتمامنا على مواصلة الجهود التي بذلناها في مجال إعداد وتنشئة مختلف مكونات قواتنا المسلحة الملكية حتى يكون أفرادها نموذجا في السلوك والانضباط والاحترافية، وذلك من خلال تفعيل التأهيل الأساسي والتكوين المستمر مع الانفتاح على مجالات متعددة لتنمية معارفهم وتعزيز مكاسبهم في جل ميادين المعرفة والتخصص.
ولهذه الغاية، فقد سهرنا على وضع برامج مندمجة للتكوين العسكري في مختلف المستويات مع مواكبة ذلك بتوفير الوسائل التقنية والعسكرية المتقدمة للمحافظة على المستوى المتميز الذي اكتسبتموه كجيش متطور ومنفتح على محيطه الداخلي والخارجي، يساهم بفعالية في المشاريع التنموية الكبرى للبلاد ويمثل بلدنا أحسن تمثيل على المستوى الدولي.
كما حرصت جلالتنا على ترسيخ الوعي الديني المعتدل المنسجم مع ثوابت الأمة ومقدساتها في صفوف القوات المسلحة الملكية وتحصين أفرادها من مختلف التأثيرات المتنافية مع أصول مذهبنا المالكي وقيم الاعتدال والتسامح وما تقتضيه روابط البيعة وإمارة المؤمنين، وذلك بالتنسيق المستمر مع وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن دعم رصيد قواتنا المسلحة الملكية بمقومات النجاعة الميدانية والفعالية في التكوين العسكري الهادف والاستفادة من المؤهلات المادية والتقنية المتوفرة، وحسن استعمالها لا يضاهيه إلا تطلعنا الدائم لخلق مناخ اجتماعي منسجم يوفر لأفراد قواتنا المسلحة الملكية ظروف العيش الكريم من سكن لائق ورعاية صحية ومكتسبات مادية ومعنوية تمكنهم من أداء واجبهم الوطني وخدمة بلدهم في طمأنينة وراحة بال.
وفي هذا الإطار، فقد أصدرنا تعليماتنا السامية للنظر في سبل تحسين وضعيتهم الاجتماعية وهيكلة مجال التأطير الصحي العسكري لفائدتهم ولعائلتهم وتشجيع ممارسة الأنشطة الرياضية بتوفير التجهيزات الضرورية، مما يخلق ظروفا مريحة لممارسة المهام العسكرية وخلق مناخ أفضل لحياة جندية متوازنة.
وللتعريف بالمجهودات التي تقوم بها القوات المسلحة الملكية داخل الوطن وخارجه، فقد قررت جلالتنا خلق مصلحة خاصة بالصحافة على مستوى القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية لمواكبة منجزاتها وترسيخ إشعاع وانفتاح المؤسسة العسكرية على محيطها الوطني والدولي.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود، عليكم أن تبقوا دائما أوفياء للمبادئ السامية والقيم العليا التي تأسست عليها القوات المسلحة الملكية، شاكرين الله عز وجل عن فضله الكريم على هذا البلد الأمين معتزين دوما بانتمائكم لهذه المؤسسة العريقة التي تسود صفوفها مشاعر الاعتزاز بحب الوطن ويتميز أفرادها بالانضباط والقدوة الحسنة وحسن السلوك والتفاني في خدمة الوطن والذود عن حماه.
وفقكم الله جميعا وسدد خطاكم وجعلكم على الدوام في الطريق القويم والمسلك السليم مخلصين لقائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، في عزم صادق وتفان تام في القيام بالواجب، مستحضرين بقلوب خاشعة جميع أرواح شهدائنا الأبرار وفي مقدمتهم الملكين الجليلين المغفور له جدنا محمد الخامس ووالدنا المنعم، الحسن الثاني، راجين من الله عز وجل أن يسكنهم فسيح جناته ويسبغ عليهم رحمته الواسعة ويمتعهم برضوانه.
كما ندعوه جلت قدرته أن يوفقكم جميعا فيما تقومون به من جليل الأعمال ويجعلكم على الدوام متشبثين بشعاركم المقدس الخالد والنبراس الأبدي: الله- الوطن- الملك.