"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه، خادم الحرمين الشريفين، وأخي الأعز الأكرم الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، رئيس القمة،
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
سيادة الأمين العام، أصحاب المعالي،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد، يطيب لي أن أعرب لكم، إخواني الأعزاء قادة الدول العربية الشقيقة، عن أزكى تحياتي، وصادق مشاعر مودتي وتقديري. كما يسعدني أن أوجه إليكم هذه الكلمة المتضمنة لما يعن لي من رأي بشأن المواضيع المدرجة في جدول أعمال هذه القمة المباركة، المنعقدة على هذه الأرض المقدسة الطاهرة، برعاية كريمة من أخي الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين، رعاه الله.
وأود الإعراب لجلالته عن أخلص مشاعر العرفان، وأصدق عبارات الإشادة بالجهود الحثيثة، التي يبذلها، بكل حكمة وتبصر، لتوفير الظروف الملائمة لعقد هذه القمة، في مناخ من التآخي والتوافق.
كما أنوه بالجهود المشكورة لأخي الموقر، فخامة الرئيس عمر حسن أحمد البشير، خلال فترة رئاسته، لمتابعة قرارات المؤتمر السابق.
وإن انعقاد هذه القمة، في ظل ظرفية إقليمية ودولية دقيقة، يعد تجسيدا لحرصنا على مواصلة التشاور الدوري، بشأن قضايانا المصيرية، لتعزيز العمل العربي المشترك، ودعم استقرار بلداننا الشقيقة، وتجنيبها مخاطر التجزئة والتطرف والإرهاب.
فكلنا مستهدفون، وكلنا مسؤولون. ولا سبيل أمامنا إلا اتخاذ مواقف مشتركة وشجاعة، لمعالجة المعضلات الحقيقية للشعوب العربية. المتمثلة في الديمقراطية والتنمية والكرامة، وترسيخ المواطنة الكاملة، والأمن الجماعي، والوحدة الواقعية، والاندماج الاقتصادي، والحفاظ على الهوية العربية والإسلامية، المنفتحة على الثقافات والحضارات، على مر العصور.
ولي اليقين، في أن النهج القويم لتدبير ما يعترض أمتنا من تحديات، بفعل بعض الخلافات، لهو الالتزام بفضائل الحوار البناء، بدل المواجهة العقيمة، وإرادة التوافق الإيجابي، وتحكيم النظرة الواقعية والمستقبلية، بدل نزوعات التجزئة، وعدم تسوية المشاكل المفتعلة، التي تعيق التحرك العربي الفعال.
ولنا في اتفاق مكة المكرمة، الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين، خير قدوة في ذلك.
وإننا لنبارك الخطوات الهادفة إلى تعزيز المصالحة الوطنية الفلسطينية. كما نجدد دعمنا للشعب الفلسطيني الشقيق، بقيادة أخينا فخامة الرئيس محمود عباس، من أجل إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، في نطاق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية البناءة، التي يعود الفضل في بلورتها لخادم الحرمين الشريفين، مؤكدين حرصنا على الإسهام في التفعيل الأمثل لها.
وبصفتنا رئيسا للجنة القدس، فإننا نشدد على ضرورة الحفاظ على الوضع الخاص لهذه المدينة السليبة، وعلى معالمها الحضارية والدينية.
وفي هذا السياق، بادرنا إلى مخاطبة القوى الفاعلة في المنتظم الأممي، لبذل مساعيها لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، قصد الوقف النهائي للحفريات اللامشروعة، التي تقوم بها بجوار المسجد الأقصى المبارك.
وانطلاقا من واجبه التضامني، فإن المغرب يدعو إلى وقف دوامة العنف بالعراق، والجنوح إلى الحوار الجاد، والمصالحة بين كل الطوائف والتيارات من أجل تجاوز الصراعات، التي يعانيها أشقاؤنا في كل من العراق ولبنان والصومال والسودان؛ داعين إلى الحفاظ على سيادة هذه البلدان الشقيقة، ووحدتها الوطنية والترابية.
وستجدون، إخواني أصحاب الجلالة والسمو والفخامة، في المغرب، الاستعداد الدائم والتعبئة الكاملة للتجاوب مع التطلعات الحقيقية لمواطنينا، في القضاء على الفقر والأمية والتهميش والتطرف.
كما ستجدون المغرب، ملكا وشعبا، في طليعة الرافضين للمساس بوحدة عقيدتنا السمحة، عاملين بكل صدق، على التقريب بين مذاهبنا الجليلة، بما يجنب أمتنا الإسلامية متاهات الانقسامات العقيمة، المتنافية مع قيم ديننا الحنيف. وذلك في نطاق احترام خصوصيات كل دولة عربية ووحدتها الوطنية والترابية.
ولن يتأتى لنا ذلك إلا بتوافر إرادة سياسية قوية، لإرساء شراكة عربية استراتيجية، تقوم على الإصلاح الجذري لهياكل وطرق عمل جامعة الدول العربية، والاستجابة لتشجيع الاستثمارات، والتنمية البشرية لشعوبنا، وتأهيلها للتفاعل الإيجابي مع توجهات العصر في العولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان. فضلا عن تكثيف التعاون التنموي الملموس مع إخواننا الأفارقة، وبلدان الجنوب عامة، وتوطيد شراكة شمولية مثمرة مع أصدقائنا بدول الشمال.
وفي الختام، أجدد خالص عبارات شكري لأخي الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين، أطال الله عمره، على حرصه على تنقية الأجواء العربية، ونصرة القضايا العادلة لأمتنا.
كما أجدد عبارات تقديري وإعزازي لإخواني الأجلاء، قادة الشعوب العربية الشقيقة.
والله تعالى أسأل أن يلهمنا الحكمة والرشاد، ويكلل أشغال هذه القمة الهامة بالتوفيق والسداد، لجعلها قمة تآخ ووئام، وتضامن وسلام. إنه تعالى نعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته."