"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
معالي السيد مهاتير محمد الوزير الاول لمملكة ماليزيا رئيس القمة الثالثة عشرة لدول لدول عدم الانحياز
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي
حضرات السيدات والسادة
أود في البداية أن أعرب لكم معالي الوزير الاول عن تهانئي الخالصة بتوليكم رئاسة حركة عدم الانحياز موقنا بأنكم ستعطونها الدينامية الكفيلة بجعل المجتمع الدولي يصغي على نحو أقوى لانشغالات العالم النامي موءكدا لكم دعم المملكة المغربية الكامل ومنوها بما قام به فخامة السيد طابو مبيكي رئيس جمهورية جنوب افريقيا، من أعمال مأثورة خلال رئاسته لحركتنا.
لقد مر ما يناهز نصف قرن على هذه الحركة التاريخية التي واجهت تحديات مصيرية متوالية من تصفية الاستعمار وتشييد دول عصرية ومحاربة التخلف الذي لايقل خطورة في تهديد السلم والامن العالميين من استقطاب الحرب الباردة إلى النضال من أجل اقامة نظام دولي جديد أكثر عدالة ورفع تحديات العولمة ومخاطر الارهاب.
ورغم أن التطورات الدولية قد اظهرت صواب توجهات حركتنا فما الذي حال دون انتصار قضاياها العادلة ? إنه بكلمة واحدة عدم التوفر على السلطة والارادة السياسية اللازمة لترجيح منظورنا.ودون الخوض في متاهات اللوم، فإن علينا أن نقر بأن المسوءولية كانت مشتركة متوجهين نحو المستقبل معبئين جهودنا من أجل اصلاح هياكل حركتنا لنجعل منها قوة اقتراحية دولية كفيلة بالاسهام الفعال في تغيير أوضاع عالمنا. وذلك ما أعتزم بصفتي رئيسا لمجموعة السبعة والسبعين تجنيد طاقاتنا له لإسماع كلمتنا في مختلف المحافل الدولية.
وإن المغرب لمصمم على ايلاء تعاون جنوب-جنوب مكانة الصدارة بالاعتماد على وسائلنا الذاتية سواء لتمتين شراكتنا أو لرفع التحدي الاكبر للعولمة بما تنطوي عليه من دينامية وتعقيد يكتسحان كل مجالات الحياة الانسانية ضمن مسار لا رجعة فيه يحمل في ثناياه انتشارا غير مسبوق وترابطا متزايدا للاقتصاديات الوطنية والدولية.
واذا كان بامكان الدول المتقدمة تأهيل اقتصادياتها لهذا المسار فما السبيل لبلداننا لمواجهة الإكراهات الجسيمة لاندماجها الفعلي في عولمة الاقتصاد ولتفادي كل تهميش.
إنه لا مناص لنا من التفعيل الاستعجالي للقرارات المتخذة بهدف التحكم في مسار العولمة لصالح الدول النامية بدءا بتطبيق توافق "موتتيري" الرامي إلى تناسق السياسات والجهود الاقتصادية والمالية للمجتمع الدولي وللموءسسات المعنية وتوجيهها لتعبئة الموارد المالية الوطنية والدولية خدمة للتنمية ولتخفيف عبء الدين الخارجي، فضلا عن إصلاح النظام المالي الدولي لتحصين البلدان النامية من الهزات المدمرة والأزمات المباغثة الناجمة عن المضاربات الجامحة دون ان ننسى الدفع قدما بمسلسل "الدوحة" لإقامة نظام تجاري عالمي عادل ومتوازن مجسد لمبادىء المعاملة الخاصة والمتنوعة يمكن الصادرات المهمة لتلك البلدان من الولوج التفضيلي لأسواق بلدان الشمال.
ولمواجهة ما يهدد غالبية سكان الجنوب من مخاطر انتشار الفقر والاوبئة والامراض الفتاكة وتدهور البيئة والخصاص في الموارد المائية فإن من الملح تفعيل قرارات القمة العالمية للتنمية المستديمة بجوهانسبورغ.
إن حركة عدم الانحياز القوية بمبادئها وبتمثيلها للتعددية الحضارية للعالم لموءهلة لأن تلعب دورا هاما في حل النزاعات الجهوية المهددة للسلم والأمن ولا سيما في القارة الإفريقية التي نعتبر أنه رغم الجهود التي بذلتها البلدان الافريقية نفسها والقوى والهيئات الفاعلة في المجتمع الدولي فإنه لم يتم الاهتداء لايجاد حلول مناسبة لفض النزاعات التي تعرفها بعض جهات هذه القارة، المتطلعة بكل إقدام لأخذ زمام مصيرها بيدها، من خلال مبادرة "نيباد" التي تستحق كامل مساندتنا.
وبنفس الحزم فإن حركتنا لمدعوة للوقوف بكل وزنها، في وجه التهديد الخطير للسلام العالمي في الشرق الاوسط، الذي يمثله احتلال اسرائيل لاراض عربية وتماديها في الاعتداء على الشعب الفلسطيني الأعزل آملين أن تشكل قمتنا منطلقا جديدا لدعم فعال لاقامة سلم عادل ودائم وشامل لجميع شعوب المنطقة وذلك بنهج الحوار والتفاوض طبقا للشرعية الدولية موءكدين على حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما أن المغرب الذي يتابع بقلق بالغ تطور الوضع في العراق الشقيق، ليدعو إلى تجنب ويلات الحرب بالتطبيق السليم لقرارت مجلس الامن.
إننا نشهد السيد الرئيس انبثاق عالم جديد ملبد بغيوم مثقلة بهواجس ومخاطر متعددة يتعين علينا مواجهتها وفي مقدمتها الارهاب الدولي الذي استأثر باهتمام قمتنا.وإني لواثق أن بإمكان حركتنا بفضل اعتمادها لمقاربة توافقية ومشتركة الاسهام القوي في محاربته دون هوادة لما يمثله من تهديد خطير ومباشر للسلم والأمن اللذين لا يمكن ضمانهما الا بدعم حركتنا لتعزيز وتفعيل الدور العالمي الذي تنهض به منظمة الأمم المتحدة، وأمينها العام السيد كوفي عنان في مجال الحل السلمي للنزاعات.
وإن المغرب العضو الموءسس لحركة عدم الانحياز والبلد الفاعل من أجل انتصار مبادئها السامية ليوءكد عزمه على تكريس انتدابه لرئاسة مجموعة السبعة والسبعين من أجل العمل الجماعي لبناء عالم أكثر ديمقراطية وأمنا وعدلا وتضامنا.وهو ما يجعلنا أوفياء لروح القادة الموءسسين لحركتنا وأحق بتقدير الاجيال الصاعدة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".